Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

يسار سيدي إفني

21 janvier 2007

السكن غير اللائق بسيدي إفني وجه آخر من أوجه التهميش والإقصاء

السكن غير اللائق بسيدي إفني وجه آخر من أوجه التهميش والإقصاء

عندما قررنا إنجاز هذا العمل الإعلامي حول دور الصفيح والسكن غير اللائق بسيدي إفني المنتشرة في أرجاء المدينة، لم نكن نتوقع أن نصادف هذا الحجم اللامتناهي من المعاناة والفقر والبؤس. أطفال يعانون سوء التغدية، عائلات محرومة من ظروف العيش الكريم، إنتشار البطالة واليأس في صفوف ساكنة هذه الدور، إنتشار ظواهر إجتماعية خطيرة... فرغم الحرمان، لم تخف ساكنة هذه الدور رغبتها في تجاوز هذا النسيانالتي تواجههم به السلطات سيما أنهم تلقوا وعودا باسكانهم في دور تعيد لهم كرامتهم وإنسانيتهم.
في الشمال الغربي للمدينة، يوجد تجمع سكني يسمى "بالقشلة" وهو حي عسكري يشبه مقابر للأحياء يقطنها جنود وعائلات منهم المتقاعد ومنهم من لازال يمارس نشاطه العسكري (حوالي 100 أسرة)، بنايات سكنية متلاصقة ومنخفضة العلو داخل مساحة متكدسة ومتزاحمة تشقها دروب وممرات عارية شديدة الضيق، انبثقت عنوة وبشكل مرتجل بعيدا عن أي تصور مسبق وعن أي تهيئ معني. حي يتخبط في العديد من المشاكل تجعل ظروف العيش فيه صعبة جدا، فبنيته التحتية لا تتجاوز مسجدا صغيرا لأداء الشعائر الدينية ودكانا لبيع المواد الغدائية وكتاب قرآني بالإضافة إلى ملعب غير صالح لممارسة رياضة كرة القدم. أما باقي المرافق العمومية فهي منعدمة. وعلى بعد مترات يوجد حقل خاص للرماية وللتداريب العسكرية كما يعاني الحي من مشاكل بيئية إذ يضطر السكان إلى رمي الأزبال والنفايات المنزلية في أماكن مختلفة من الحي أو في الحافة المطلة على البحر أضف إلى ذلك سيلان المياه المتعفنة الآسنة التي تسري على شكل جداول صغيرة عبر الممرات الموجودة بين "المنازل" نظرا لافتقار الحي إلى قنوات الصرف الصحي نتج عن هذه الوضعية البيئية مشاكل صحية تتجلى مظاهرها في انتشار أمراض الحساسية، والتهاب الأعين، وضيق التنفس وانتشار الحشرات والطفيليات.
كما أن نسبة الأمية بالحي فهي مرتفعة إذ تبلغ نسبتها حوالي %80 في صفوف النساء، وفي هذا الصدد سألنا أحد ساكني الحي عن أسباب عدم استفادة نساء هذا الحي من دروس محو الأمية فأجاب: "أنا وآخرون لا نرضى لنسائنا الذهاب للإستفادة من دروس محو الأمية يلقنها رجل" أما شباب الحي الذي لقطته المؤسسات التعليمية يعيش وضعية اجتماعية صعبة سماتها الأساسية العطالة والبؤس والتهميش. يعلق أحد الشباب عن هذه الوضعية: " إننا محرومون من حقوقنا وأبسطها الماء الصالح للشرب. آباؤنا يدافعون عن وحدة الوطن ويقدمون تضحيات جسام. لقد تلقت أسرنا عدة وعود وتم إحصاؤنا من أجل الاستفادة من سكن يرد الاعتبار إلينا". أطفال هذا الحي محرومون من حقهم في الترفيه واللعب حيث غياب مساحات خضراء والفضاءات كفضاء الإعلاميات، كمجال جديد للمعرفة، وفضاء الألعاب وفضاء محو الأمية، وورشة التنشيط الفني والثقافي والجمعوي.
ما يشد انتباهك وانت تتجول في هذا الحي منظر بعض الدواجن التي تضيق بأنفاسها وبروثها وأكوام العلف المتقادم رائحة أخرى تمتزج بروائح المياه الآسنة تصيب الوافد أو الزائر بالغثيان. كما أن الحي، يعيش في ظلام دامس يصعب معه الخروج للتبضع...
لقد شكل هذا الحي الهامشي دوما مجالا خصبا وقاعدة انتخابية لسماسرة الانتخابات الذين يستغلون الوضعية الاجتماعية للسكان لشراء الذمم ولممارسة التضليل.
"إن الفقر والبؤس وارتفاع الأسعر وتدني مستوى المعيشة، وتفاقم المضاربات العقارية، وارتفاع سومة الكراء اضطرت معه هذه العائلات أن تقطن هذه الدور التي تجهل وضعيتها القانونية والإدارية". يعلق أحد الجنود فضل عدم ذكر اسمه.
ليظل السؤال المؤلم والحارق هو كيف للإنسان أن يعيش شئ من كرامته الانسانية في ظل شروط حياة قاسية تنعدم فيها المرافق الأساسية والضرورية للحياة؟
غادرنا الحي العسكري وفي طريقنا نحو وسط المدينة، اكتشفنا تجمعا سكنيا لعائلات تعيش داخل أكواخ وفي بيوت كانت في عهد الاستعمار الاسباني تستعمل مربطا للخيول والبغال يدعى بالكوادرا. وهو حي ظروف العيش فيه لا تقل قساوة عن الحي العسكري.
تركنا هذا التجمع السكاني، وكانت وجهتنا نحو إحدى الأحياء الراقية بالمدينة "حي الفتح" فكانت الصدمة كبيرة. صادفنا أنس يقطنون منازل قصديرية على جنبات الواد الذي يخترق هذا الحي. أناس وجوهها ترابية كالحة يمتصها هم تدبير اليوم شربة ماء ولقمة خبز وكهرباء...
في بيت تحريب مغطاة بالقصدير والقصب وقفنا على معاناة حقيقية، سيدة (م.و) في عقدها الرابع البؤس على وجهها بفعل الفقر المدقع سألناها كيف تعيش داخل مسكنها؟ فكانت إجابتها بكل تلقائية، بعد أن قدمنا لها هويتنا: "نحن نعيش لمدة 20 سنة داخل هذا الكوخ بدون ماء صالح للشرب، بدون قنوات الصرف الصحي وبدون كهرباء. فرضت علينا الظروف الهجرة من البادية إلى المدينة هذا المسكن مساحته لا تتجاوز 40 متر مربع، أعيش فيه مع زوجي العاطل عن العمل وأبنائي الأربعة. يضم غرفتان. لقد تم إحصاؤنا عدة مرات بغية الاستفادة من سكن يرد لنا الاعتبار ويضمن لنا كرامتنا. ونحن ننتظر. إن معاناتنا تكبر عند سقوط المطر إذ نضطر للرحيل والتوجه صوب الجيران أما الأطفال فهم محرومون من حقوقهم، الماء الذي يعد حيويا نضطر لطلبه عند الجيران، أما النظافة، فهذا كلام آخر، إن الساكنة سامحها الله، تغرقنا بالأزبال والنفايات وكأنها بهذا تقوم بدفننا ونحن أحياء. لا أدري هل هذا قدرنا؟".
تركنا هذه السيدة تولي وجهها شطر البنايات والفيلات الفاخرة إحداها لأحد برلماني المنطقة وتوجهنا نحو نقطة سوداء أخرى تدعى "الكرنة" والتي ظلت قاعدة خلفية لسماسرة الانتخابات وللمفسدين هنا اكتشفنا واقعا آخر، أسر تستفيد من الماء الصالح للشرب ومن الكهرباء وأسر أخرى محرومة منهما لحسابات انتخابوية وعرقية. سألنا سيدة شابة عن ظروف عيشها داخل مسكنها وداخل هذا التجمع. ترددت كثيرا وطلبت منا الانتظار إلى أن تستشير ملتمسة منا عدم ذكر اسمها.
"أنا (ف) متزوجة ولدي خمسة أطفال، نعيش داخل هذا العش حياة صعبة كلها معاناة. أبناؤنا محرومون من حقوقهم وأبسطها حقهم في الماء والكهرباء، يراجعون دروسهم تحت ضوء الشمع، يقضون حاجاتهم البيولوجية خارج المنزل. لا نتوفر لا على تلفاز ولا على مذياع، أبناؤنا يعانون من عدة أمراض منها أمراض الحساسية والأمراض الجلدية ( الجربة )، يتم إحصاؤنا كل مرة من أجل الاستفادة من سكن إجتماعي وفي كل مرة نتلقى الوعود، لقد طال الانتظار، قدمنا كل الوثائق التي طلبتها الجهات المسؤولة، إننا نعيش وكأننا في البادية رغم أننا في بلدة يقال عنها أنها مدينة، نطالب التعجيل بتوفير سكن يرد لنا كرامتنا، في اجتماع رسمي انعقد بمقر باشوية سيدي إفني، وعدنا العامل السابق لإقليم تزنيت أننا سنستفيد من سكن لائق في غضون شهر أو شهرين ( يوليوز أو غشت 2004 ) لكن للأسف لا شئ تحقق لحد الآن لم نعد نثق في كلامهم ووعودهم"
ولمعرفة أسباب توقف مشروع إسكان العائلات التي تقطن سكنا غير لائق أو تقطن دور الصفيح، والتي تم إحصاؤها والبالغ عددها 117 عائلة، اتصلنا بالجهات المسؤولة ببلدية سيدي إفني، فأكدت لنا أن المشكل يكمن في أن الدولة طلبت من البلدية المساهمة بمبلغ 80 مليون سنتيم مع توفير الوعاء العقاري لانجاز مشروع سكن اجتماعي تستفيد منه عدة عائلات تقطن دور الصفيح، وبالنظر لضعف ميزانية البلدية عملت البلدية على توفير الوعاء العقاري وتسوية وضعيته العقارية والقانونية إلا أنها لم تتمكن من توقيع اتفاقية الشراكة مع الجهات الأخرى المعنية بالمشروع لعدم القدرة على الالتزام بالمبلغ المالي المذكور هذا من جهة ومن جهة أخرى طرح مشكل آخر إذ اشترطت العائلات التي تم إحصاؤها توفير مساكن مستقلة على غرار العائلات التي استفادت سابقا وبالتالي فهي ترفض تأدية التزاماتها المالية على اعتبار أنها لا تقبل بشئ إسمه الملكية المشتركة، هذه المشاكل جعلت المقاولة التي فازت بالصفقة ترفض الشروع في البناء نظرا لغياب السيولة المالية، وبقي المشروع معطلا.
وأمام تزايد الاحتجاجات علمنا أن اجتماعا قد انعقد مؤخرا بقاعات الاجتماعات التابعة لبلدية سيدي إفني حضرته بعض الأسر التي تم احصاؤها تلقت خلاله مرة أخرى وعودا بتوفير السكن الاجتماعي لها.
إن ما يخشاه الرأي العام، أن يسود منطق الزبونية والمحسوبية وعدم الشفافية أثناء عملية الاستفادة بالنظر للسياق العام الذي تأتي فيه هذه المبادرة الجديدة والتي ظلت معطلة لمدة 3 سنوات عانت فيه ساكنة دور الصفيح والسكن غير اللائق مرارة العيش وهو الشئ الذي يتنافى مع كل المواثيق الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
كل هذا يجعلنا نتساءل عن مدى مصداقية وجدية الخطاب الرسمي في مجال السكن والتعمير، وأيضا عن شعار لطالما رددته الوزارة الوصية عن القطاع " سيدي إفني بدون دور صفيح "؟

Publicité
Publicité
يسار سيدي إفني
Publicité
Publicité